أخبار

“جهر أونلاين” تحاور الأستاذ عثمان حسن صالح : القضاء يواصل النظر فى جريمة أحداث الأبيض 

 تواصل محكمة الأبيض الجنائية برئاسة قاضى الإستئناف مولانا / أحمد حسن الرحمة، اليوم الإثنين (10 أغسطس 2020)، بمبانى قاعة المجلس التشريعى الجديد بالأبيّض، جلستها الثالثة النظر في البلاغ المُقيّد بالرقم 3726/2019، فى مواجهة تسعة ( 9) أفراد من منسوبي قوات / لقوات الدعم السريع، وقت ارتكاب الجريمة، التى روّعت مدينة الأبيض يوم 29 يوليو 2019، وراح ضحيتها ستّة (6)مواطنين، ومئات الجرحى. وتورد ( جهر أونلاين ) أسماء الشهداء، وهم : أحمد عبده عبدالوهاب وحسّان سعد جميل الله ومحمد الفاتح سالم وبدرالدين آدم ويونس آدم يونس ومحمد سليمان محمد.

تمثّل النيابة الاتهام عن الحق العام، ويظهر عنها في الجلسات رئيس النيابة العامة – بولاية شمال كردفان ووكيل النيابة، فيما يُمثّل الحق الخاص عن أُسر الشهداء أكثر من ثلاثين محامياً ومحامية، برئاسة  الأستاذ محمد الحبيب بابكر والأُستاذ عثمان حسن صالح.  

فى إطار التوثيق، حاورت (جهر أونلاين) الأستاذ عثمان صالح – المحامى، وهو إلى جانب تمثيله للحق الخاص “أُسر الشهداء” فى القضيّة، يُعتبر شاهد على الأحداث بوصفه واحد من المدافعين الحقوقيين المشهود لهم بالدفاع عن حقوق الإنسان، وناشط سياسى ومجتمعى معروف، وهذه حصيلة الحوار: 

 

حاوره : فيصل الباقر 

 

بداية، هل لك أن تُحدّثنا، وتضع القّرّاء فى ماذا حدث فى صباح يوم 29 يوليو 2019، في مدينة الأُبيّض؟ 

 

البداية كانت المظاهرة السلمية التى اندلعت وأشعلت المواكب، إذ تحرّك عدد من الطلاب والطالبات صباحاً في مواكب ومسيرات سلمية، إحتجاجاً على عدم توفر مياه الشرب والرغيف في المدارس وعدم وجود المواصلات الداخلية التي تُقلّهم من مساكنهم إلى مدارسهم المختلفة.

تحركت المواكب من كل المدينة، وتقابلت المواكب في ميدان الحرية وتوجهوا صوب مكتب التعليم، ثم عادوا أدراجهم إلى داخل السوق، وعبروا شمالاً، ناحية حي الرُبع الثاني وفي أثناء عبورهم، مرّوا بالإرتكاز الخاص بالدعم السريع جوار البنك السوداني الفرنسي بالأبيض، ومروا في سلام ودون أي مناوشات ،  ثم عادوا إلى داخل السوق وهنا بدأ أفراد الدعم السريع في تجهيز أسلحتهم ، ودون أي سبب قام أحدهم بركوب العربة التاتشر الخاصة بهم ومكتوب عليها (اللعب مع الكبار صعب) وعلى ظهرها مدفع دوشكا وقام بإطلاق أعيرة نارية في كل الإتجاهات، وبعده قام الباقون بإستخدام الكلاشنكوف والرشاش ضد الطلاب العُزّل، وكانت الحصيلة عدد من القتلى ومئات من الجرحى.

 

أين كنت أنت فى هذه الأثناء ؟  

مكتبي ليس بعيداً من مكان الحادث، وعندما سمعت أصوات الرصاص، تساءلت، وقيل أنها رصاصات مطاطية وقيل أنها ذخيرة حية ولكن أُطلقت في الهواء. 

هل بقيت ترصد الأحداث من مكتبك أم ماذا؟ 

تحركت إلى مكان الحادث، وعلمت أن هنالك قتلى وجرحى 

هل لك أن توصف لنا المشهد… ما شاهدته بوصفك شاهد عيان وناشط حقوقى ؟ 

 تحركت صوب حوادث مستشفى الأبيض ومعى آخرين، وهناك وجدنا مناظراً لا تُطاق، طلاب وطالبات بزيهم المدرسي وحقائبهم المدرسية على ظهورهم، ولاحظت أن ملابسهم وحقائبهم ملطخة بالدماء، وآخرين كانوا تحت العلاج، والبعض في حالة إغماء كاملة. 

(……………………)؟

تحركت ناحية المشرحة، ووجدت – هناك – ثلاث جثث لطلاب تم التعرُّف على هوياتهم. وقبل مغادرتى المشرحة، تمّ إحضار جُثّتين من وقبل مغادرتي المشرحة تم إحضار جثتين. 

ثُمّ ماذا بعد ؟ 

 تحركت صوب مكتب الوالي وبرفقتي أثنين من الزملاء، ووجدت الوالي ومعه مدير جهاز الأمن والمخابرات، وتحدثت معهم بحدّة وقلت لهم، كيف تُحصد أرواح الطلاب، وانتم في َمكاتبكم،  وأبلغتهم بمشاهداتى، وذكرت لهم لدينا رسالة ومطلبين.

ماذا كانت الرسالة؟ 

  الرسالة هي أن الوالي بصفته رئيساً للجنة أمن الولاية، يتحمل كامل المسئولية عن كل قطرة دم سالت في ذلك اليوم.

وماذا تقول عن المطلبين ؟

المطلب الأول أن ((قوات الدعم السريع)) قوات غير مرغوب فيها، ويجب سحبها خارج مدينة الأبيض. والمطلب الثاني هو تكوين لجنة تحقيق مستقلة، ولا بد من أن نكون نحن جزء منها حتى نعترف بنتائجها. 

بعدها توجهنا لفتح بلاغات في الشرطة وقد تم تدوين البلاغات تحت المادة (٥١) من قانون الإجراءات الجنائية ١٩٩١م، وهي خاصة بالوفاة في ظروف غامضة، مع أنّ القتل كان نتيجة أفعال واضحة للجميع ومن قام به معروف. بعدها تحركنا صوب منازل أسر الشهداء لأداء واجب العزاء. تلا ذلك، تحرُّكات واتصالات أُخرى فى الأُبيّض وغيرها مثل الخرطوم، اعتدنا أن نقوم بها بوصفنا مدافعين عن حقوق الإنسان، ومحامين ممارسين للمهنة، ومواطنين سودانيين، يجب عليهم القيام بواجباتهم فى مثل هكذا أحداث.   

عن ماذا أثمرت اتصالاتكم ؟  

يوم ٣٠ يوليو حضرت لجنة الأمن والدفاع موفدة من قبل المجلس العسكري في الخرطوم وقامت بتحقيقاتها ليلاً، وألقت القبض على تسعة من المتهمين، وسلمتهم النيابة العامة وعدلت مادة الاتهام للمادة (١٣٠) من القانون الجنائي لعام ١٩٩١م وهي جريمة القتل العمد وضمت كل البلاغات في بلاغ واحد.

ثُمّ بدأت مرحلة التحريات … وبدأ معها دوركم كمحامين ممثلين لأُسر الشهداء… هل لك أن تحدّثنا عن هذه المرحلة؟ 

استمر التحري شهرين كاملين، إستمعنا لعدد من شهود العيان الذين أدلوا بشهادتهم،  تم إحضار الأسلحة التي أستخدمت في الحادث، تم رسم الحادث من قبل الأدلة الجنائية، تم إحضار الفيديوهات بما فيها الفيديو الخاص بكاميرا البنك الفرنسي، وقد أحضرناه من رئاسة البنك في الخرطوم

 ماذا حدث بعد انقضاء الشهرين؟ 

 

بعد الشهرين، أُحيل البلاغ للمحاكمة. وهنا – وللأسف – تدخل أحد قضاة الإستئناف. وكتب مذكرة حول موضوع البلاغ متناولاً الأدلة بالتحليل، وهذا توجه خطير، ولا يسنده أي قانون، وقام بإرجاع البلاغ للنيابة، وإعادته النيابة اليوم التالي.

هل لك أن تشرح أكثر؟

قاضى الاستئناف كتب مذكّرة حول” مضمون ” البلاغ، وهذا تجاوز يتعارض تماماً مع صحيح القانون، لأنّ الحديث عن ” مضمون ” البلاغ، حق مكفول لمحكمة الموضوع، ويأتى ذلك، بعد سماع قضية الاتهام واستجواب المتهمين وسماع قضيّة الدفاع، وعليه، فإنّ ما فعله قاضى الاستئناف مُخالف تماماً لكل القوانين وما جرى عليه العمل فى المحاكم. 

هناك معلومات وأخبار تقول أنّ البلاغ قد أرسل للخرطوم… ما صحّة هذه الأخبار، وماذا فعلتم فى الأُبيّض؟ 

 نعم، بعد فترة علمنا أن البلاغ أُرسل للخرطوم، وعلى الفور توجهنا فى وفد من هيئة الإتهام وقابلنا السيدة رئيسة القضاء، وقدمنا لها مذكرة حول ملابسات البلاغ، وأوضحت لنا أن رئاسة الجهاز القضائي بشمال كردفان، أرسلت البلاغ ليحاكم في الخرطوم نسبة للظروف الأمنية في الأبيض.

وكيف عادت القضيّة للأُبيّض ؟ 

أوضحنا لرئيسة القضاء، عدم صحة هذه الأسباب، ووافقت على الفور، على إرجاع البلاغ إلى الأبيض. 

ثُمّ بدأت المحاكمة فى الأُبيّض ؟!. 

بعد رجوع البلاغ للأبيض، تم تعيين قاضي إستئناف للنظر فى هذا البلاغ، ولكن واجهتنا عقبة القاعة، وفى إطار محاولاتنا لحل مشكلة القاعة، قابلنا إدارة المجلس التشريعي الجديد، وفي البداية وافقوا، ولكن 

ولكن، ماذا ؟ 

وحينما أدركوا حقيقة رجوع البلاغ للأبيّض، تعللوا بأسباب واهية، مما عطل البلاغ لعدة أشهر، قام فيها أسر الشهداء، بمقابلة الوالي بخصوص القاعة، ووعدهم بالحل، وقد تم حل الإشكال بعد حضور السيدة عضوة مجلس السيادة عائشة السعيد لمدينة الأبيض. 

ثُمّ بدأت واستمرّت جلسات المحكمة؟ 

نعم، بدأت أول جلسة يوم ٢٠ يوليو ٢٠٢٠م، وفيها مثلت النيابة الاتهام عن الحق الخاص وتم إحضار المتهمين، إلا أن دفاعهم لم يمثل، انعقدت الجلسة الثانية بتاريخ ٢٧ يوليو ٢٠٢٠م، بحضور النائب العام مولانا تاج السر الحبر، والذي قدّم خطبة الإتهام الإفتتاحية عن الحق العام، ومن جانبنا تقدّمنا بخطبة الإتهام الإفتتاحية عن الحق الخاص. وفي هذه الجلسة حضر ثلاث من المحامين للدفاع عن جميع المتهمين، وحضرت هيئة الاتهام عن الحق الخاص عن أسر الشهداء أكثر من ثلاثون محامياً ومحامية. واليوم الإثنين 10 أغسطس تنعقد الجلسة الثالثة لسماع المتحرّى فى البلاغ. 

استاذ عثمان، فى إفاداتك لنا فى هذا الحوار، ذكرت مُصطلحات قانونية، مثل (الحق العام) و(الحق الخاص)، وهى عبارات قانونية، نرجو توضيح المعنى، لفائدة القُرّاء من غير المتخصصين ؟ 

الحق العام يعنى أنّ هنالك جرائم يتخطّى أثرها المجنى عليه، أو ذويه، ليشمل المجتمع كلّه، مثل جريمة القتل، فإنّ أثرها يتعدّى أولياء الدم، ليؤثّر على المجتمع بأثره، أمّ الحق الخاص فيكون تأثير الجريمة على المجنى عليه فقط، مثلاً جريمة الاحتيال أو جريمة اصدار شيك بدون رصيد، فهذه يكون أثرها على المجنى عليه فقط، ولذلك، فهى حق خاص. أمّا جريمة القتل، ففيها تأثير على أُسرة المجنى عليه، وهذا يندرج تحت الحق الخاص، وفى ذات الوقت، فيها تأثير على المجتمع بأثره، وهذا هو الحق العام، ولذلك نحن نُمثّل الحق الخاص عن أُسر الشهداء، فيما يُمثّل الزملاء من النيابة العامة الحق العام. 

من يظهر فى هذه القضيّة عن الحق العام؟ 

النيابة تُمثّل الاتهام عن الحق العام، ويظهر فى الجلسات ثلاثة وكلاء نيابة هم: رئيس النيابة العامّة – ولاية شمال كردفان ووكيل النيابة الأعلى، ووكيل نيابة مشرف على التحرّى. 

ومن يُمثّل الحق الخاص؟ 

هيئة الاتهام عن الحق الخاص مكوّنة من أكثر من ثلاثين ( 30) محامياً ومحامية، برئاسى 1/ الأستاذ محمد الحبيب بابكر 2/ عثمان حسن صالح. وهنا أسمح لى أن أسجّل للتاريخ أنّ الجلسة الأولى شهدت حضور محامين من خارج الولاية هُما الأستاذ عصام الدين محمد فرح شوربجى من كريمة – الولاية الشمالية،و الأستاذ محجوب عبدالله من الخرطوم، ويُعتبر حضورهما مساندة لهيئة الاتهام وأُسر الشهداء، وفى هذا رمزية تعنى تضامن المحامين – حتّى من خارج الولاية – مع هذه القضيّة. 

علمنا أنّ هيئة الاتهام عن الحق الخاص متطوّعين، أى يعملون بلا أجر أو مقابل مادّى، ما صحّة ذلك؟ 

نعم، هذه حقيقة، فكل المحامين والمحاميات فى هيئة الاتهام، متطوعين، وممثلين لأُسر الشهداء، وهذا تقليد قديم فى حركة المحامين السودانيين، وقد نشأنا على هذه التقاليد إذ تعلّمناها من أساتذتنا المحامين الأجلّا من الأجيال التى سبقتنا فى المهنة، وسنظل نحرص عليها ونعض عليها بالنواجز، وسننقلها للأجيال الشابة من المحامين والمحاميات. 

لك الشكر أستاذ عثمان حسن صالح … 

 

قائمة شهداء مجزرة الأبيض : 

 

(١) أحمد عبده عبد الوهاب

(٢) حسان سعد جميل الله

(٣) محمد الفاتح سالم

(٤) بدر الدين آدم

(٥) يونس آدم يونس

(٦) محمد سليمان محمد

 

 

أسماء المتهمين:

(١) حامد أحمد موسى أبو كلام

(٢) عز الدين تاج السر على الغائب

(٣) محمد أحمد عبد الله هولنا

(٤) والي الدين بشير المهدي ختم

(٥) لبن محمد البشير محمد

(٦) فضل أحمد علي النور

(٧) عبد الله آدم إسحق آدم

(٨) محمد يونس جمعة أبو هنية

(٩) حسين عبد الله مالك عبد الله

جميع المتهمين يتبعون لقوات الدعم السريع وقد تم فصلهم بعد الحادث مباشرة

 

 

 

 



6 شهداء بسبب ممارستهم للحق فى التعبير السلمى، و ( 9 ) متّهمين ينتمون لقوات الدعم السريع 

أكثر من ثلاثين محامي ومحامية يمثلون الحق الخاص وأُسر الشهداء، والنيابة تُمثّل الحق العام 

القضاء يواصل النظر فى جريمة أحداث

شاهد عيان ومدافع حقوقى ومحامى يروى تفاصيل ما حدث، ويُسجّل شهادته للتاريخ 

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Whatsapp
LINKEDIN